لمحات من حياة كوكب الشرق

البداية والنهاية ومابينهما حالة فطرية تجلت عن ”الست" أم كلثوم

كتبت:  زينب مصطفى

عندما تعجز الكلمات عن وصفها وتتلاشى الحروف أمام قامتها، وترى حسان الجُمل نفسها صغيرة إذا ما كتبت بجانب اسمها، إذا حدث هذا فلابد أننا أمام معجزة فبالفعل هى معجزة بكل المقاييس الحسية والمعنوية، لن نستطيع أن نقول عنها أنها نجمة لا بل هى كوكب "كوكب الشرق"..."الست سومة" سيدة الغناء العربى " أم كلثوم".

نرى البداية والنهاية عندما نتحدث عن أم كلثوم وما بينهما حالة من العبقرية الفطرية لم تسعى هى لتصل إليها، بل وهبها الله عزوجل تلك العبقرية لتكون جزءا من عبقرية المكان الذى وصفه راغب العلم، الدكتور جمال حمدان.

لم يستطيع الوطن العربى على مدى أكثر من ألف عام أن يجتمع على شىء ما إلى أن جاءت "الست" فوحدت تلك الشعوب و البلدان.

ولدت« فاطمة» لأسرة متواضعة في قرية ريفية تسمى طماي الزهايرة، في مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية،وبالرغم من الحالة المادية الصعبة للأسرة إلا أن والديها قاما بإلحاقها بكتاب القرية لتتعلم و تعلمت الغناء من والدها في سن صغيرة، فبرزت موهبتها المتميزة، وعلمها أيضاً تلاوة القرآن. 

تزوجت أم كلثوم عام1954من الدكتور حسن السيد الحفناوى واستمر زواجهما حتى وفاتها.

بدأت مشوارها وهى فى سن صغير حيث كان عملها مجرد مصدر دخل إضافى للأسرة، لكنها تجاوزت أحلام أبيها حين تحولت إلى المصدرالرئيسى لدخل الأسرة. 

كان الخميس الأول من كل شهر هو يوم الوحدة العربية ، مؤشر أجهزة الراديو بيت عربى موجه على الإذاعة المصرية ليستمع إلى حفلت "الست" حتى هذه الكلمة وهى كلمة مصرية قديمة لم يعرفها اللسان العربى إلا عندما أطلقت على أم كلثوم.

وكانت آهه واحدة من آهات سومة كفلية بأن تجعل كل القلوب العربية ترد عليها بآهات آخرى أحيانا تكون حزن وألم وآخرى شجن وثالثة خرجت من قلب إما جريح أو ملىء بالحب ، فآهات الست وحدت أيضا كل القلوب العربية.

"عظمة على عظمة على عظمة ياست" جملة كلثومية خرجت من الشفاه بطريقة عفوية لتعبر عن قيمة فن أم كلثوم حتى أصبحت تلك الجملة من طقوس الاستماع إلى صوت الست. 

كانت السينما فى حياة أم كلثوم مجرد تواجد، ويبدو أنها لم تلقى نفسها أمام الكاميرا كممثلة، فكانت تجارب أم كلثوم السينمائية قليلة منها:"نشيد الأمل،وداد، ودنانير، وفاطمة".

اشتركت أم كلثوم مع عبد الوهاب عام 1964 بإغنية أنت عمرى بكلمات أحمد شفيق كامل.
لم تكن أم كلثوم مجرد فنانة أو مطربة لكنها كانت جزءا من وجدان أمة، وحجرا فى جدارالتاريخ العربى.

غنى معها كل فنان عربى يريد أن يُتقن الغناء،و عاش على صوتها العشاق، وأصبحت أغانيها تغزى آذان العرب جميعا.

لم تقف "كوكب الشرق" عند محطة واحدة بل طورت نفسها،وطورت معها الأغنية فكما غنت لأحمد رامى، وزكريا أحمد، ورياض السموباطى،ومحمد الأصبجى، وعندما ظهر جيل جديد من الشعراء والملحنين غنت لهم و عاصرت فكرهم المتقدم.

فقد غنت لبليغ حمدى، ومحمد الموجى، و أحمد شفيق كامل، ومرسى جميل عزيز، وسيد مكاوى الذى قدمته هى بنفسها على المسرح فى آخر ظهور لها عام 1937عندما غنت " يامسهرنى".

انتهت حفلات الخميس الأول من كل شهر، وأصبحت تسجل أغنياتها فى استديوهات الإذاعة وكان أخر تسجيل لها أغنية بليغ حمدى" حكم علينا الهوى".

نالت "كوكب الشرق" العديد من الجوائز منها:"وسام الرافدين من قبل الحكومة العراقية في 1946 وهو أعلى وسام يمنح في العراق، في عصر النظام الملكي، ووسام الجمهورية من رئيس تونس بورقيبة عام1968.
كما حصلت أيضا على وسام الارز برتبة كوماندوز من رئيس الوزراء اللبناني رشيد كرامي عام1959.
رحلت كوكب الشرق 3 فبراير عام 1975 بعد صراع مع مرض عن عمر يناهذ 67 عاما، وخرجت الجماهير تودعها فى جنازة شعبية تحدثت عنها الصحف العالمية.